كان طبيعيا ان يكون الصراع العربي - الصهيوني ، احد المواضيع التي تهتم بها الدراما بشكل عام ، في الاذاعة والمسرح والسينما ، كونه احد المواضيع التي اصبحت لصيقة بحياة الانسان العربي واحد همومه الاساسية ، اضافة لقيام الدراما بدورها في هذا الصراع ، وكذلك الصدى الجماهيري الواسع الذي تجده مثل هذه الاعمال عند الجمهور.
وقد سبق للسينما ان قدمت افلاما تدور بشكل كامل حول هذا الموضوع ، اما انها حربية ، او تتناول ذلك الصراع الخفي بين اجهزة المخابرات من كلا الطرفين ، والتي اطلق عليها اسم "افلام الجاسوسية" مثل فيلم "الصعود الى الهاوية" و"اعدام ميت" و"الطريق الى ايلات" و"مهمة في تل ابيب" و"48 ساعة في اسرائيل" وغيرها ، او ان هذا الموضوع يرد جزئيا ضمن السياق العام لبعض الافلام.
من احدث الافلام التي تناولت احد اشكال هذا الصراع الاستخباراتي ، فيلم "ولاد العم" ، وهو هنا لا يستند الى واقعة حقيقية ، او يعتمد على ملفات المخابرات المصرية ، وانما هو مبني على سيناريو من خيال المؤلف عمرو سليم عاطف. وهنا لا بد من طرح سؤال مباشر عن رد فعل الجمهور على عمل يشاهده عن احد اشكال الصراع مع عدو خاض معه حروبا فيها هزائم وانتصارات عسكرية ، ومدجج بايدلوجيا صهيونية عنصرية ، لا يصدقها حتى اكثر الداعين الى السلام.
هذا السؤال له علاقة بموضوع الفيلم ، فاذا كان فيلم "الطريق الى ايلات" ومسلسل "رأفت الهجان" لهما مرجعية في الواقع ووثائق في سجلات المخابرات المصرية ، ولذلك وجد المشاهد فيهما نوعا من التعزيز المعنوي ، فان فيلم "ولاد العم" ، ليست لديه هذه المرجعية ، وبالتالي فان مشاهد الصراع والمطاردات بين جهازين عدوين ، وتحقيق تفوق مصري واضح ، قد تترتب عليه حالة من الخلط والالتباس لدى المشاهد العادي ، قد تؤدي الى حالة من الوهم ، بدلا من حالة التعزيز المعنوي لدى المشاهد. لان موضوع الفيلم ، ومادته الاساسية ، مبنية على الخيال الافتراضي ، رغم ان العدو "الذي ينتصر عليه الفيلم" هو واقع قائم بيننا.
حكاية افتراضية
يبدأ الفيلم بيوم عائلي سعيد تخرج فيه الاسرة في رحلة بحرية ، حيث يقرر الاب "شريف منير" (عزت) و(عزت دانيال لاحقا) أخذ زوجته "منى عبدالغني" (سلوى) وولديهما: يوسف وساره ، في رحلة بالقارب البحري بعد زواج مضت عليه سبع سنوات عندما التقاها في العراق ، فهي يتيمة ، وتقيم عند خالتها ، ومن اسرة فقيرة ، وحصلت على الدبلوم المتوسط ، طيبة ومتدينة. وسط سعادة الزوجة والاطفال ، يظهر فجأة قاربان بحريان يقتربان منهم ليعلن "عزت" عن هويته وشخصيته الحقيقية ، فهو يهودي وضابط في الموساد ، يعمل ضمن فرقة الموت المتخصصة بتصفية القيادات السياسية والعلمية والاقتصادية المصرية. وامام هول المفاجأة للزوجة يقوم بحقنها بمادة مخدرة ، تفيق منها ، ليكون اول شيء تقع عيناها عليه هو العلم الاسرائيلي على المبنى المقابل لسكنها الجديد في تل ابيب.
على الجانب الاخر ، ترصد المخابرات المصرية نشاطا للموساد في القاهرة ، وتضع دوائر من الشك حول "عزت" ، تتعزز بعد هروبه المفاجيء مع عائلته ، وتكلف الضابط "كريم عبدالعزيز" (مصطفى) بالمهمه ، الذي يعمل في العلن مذيعا في الاذاعة العبرية بالقاهرة ، وهو مؤهل للعملية ، ويتقن اللغة العبرية ، وتوضع له الخطة اللازمة لدخول الاراضي المحتلة عن طريق الاردن ، ليجد هناك من يساعده ويسهل مهمته ، حيث يبدأ حياته كعامل بناء في الجدار العازل مع مجموعة من العمال الفلسطينيين ، فيتعرف على (ابو زياد) ، مسوؤل الورشة ، ويشاهد هناك عمليا التهجير الذي يتعرض له الفلسطينيون وطردهم من بيوتهم التي تقع في طريق الجدار العازل او بالقرب منه. لكن مهمته الاساسية تبدأ مع وصوله الى "تل ابيب" ليعمل في صيدلية يملكها يهودي مصري يرفض الفكر الصهيوني وممارسات حكومته ، وتكون الصيدلية بالقرب من البيت الذي تسكنه "سلوى".
(عزت دانييل) يضغط على (سلوى) من اجل اقناعها بالبقاء معه ، ويهددها في الوقت نفسه باعادتها الى مصر لوحدها وحرمانها من مشاهدة اولادها ، فتقع في حيرة من امرها وسط مشاعر متناقضة ، بين حبها لزوجها وصدمتها بحقيقته ، اضافة لتعلقها باولادها. رغم ان (عزت دانييل) يضعها في ظروف مثالية ، حيث جارتها "الممثلة انتصار" (راشيل) تخفف عنها ، وتأخذها في نزهات قريبة مع اطفالها وتقوم بتعريفها على المدينة ، والزيارات العائلية ، ويبدي الكل تعاونه معها حتى تتأقلم مع الجو الجديد ، لدرجة ان هناك من توصل الى اتفاق مع الحاخام لتسجيل الأطفال كيهوديين ، رغم انهم يعتمدون ديانة الام ، لا بل ان رئيس زوجها في العمل ، يقدم لها المصحف كهدية ، وكل من حولها يقنعها بضرورة التعايش مع وضعها الجديد ، وحديث زوجها الدائم عن اسرائيل كدولة للقانون والعدالة وتكافؤ الفرص والاهتمام بالانسان وتسهيل حياته بتوفير الخدمات ، ونظافة المدينة ، ودائما يعقد مقارنة مع الحياة في مصر حيث الفساد ، وضوضاء القاهرة مقارنة بهدوء ونظافة تل ابيب ، حتى ام زوجها تحضر وتحدثها عن زواجها وشبابها في العراق ، وتحثها على ان تقبل بأمر الواقع الجديد.
يتنقل (مصطفى) بين اعمال متعدده ، ويدخل في نقاشات وجدل ، ويبقى دائما قريبا من (سلوى) حيث يلتقيها ، ويخبرها ان هدف مهمته هو اعادتها هي واطفالها ، ويقوي من عزيمتها ، وتكون حاضرة الذهن دائما ، بحيث لا يستطيع (عزت دانيال) ان يؤثر عليها او يغسل دماغها ، لان نجاح العملية مرتبط بتعاونها وثباتها.
وتبدي (سلوى) كل اشكال التعاون ، مع تمسكها بشرط كانت تطلبه دائما وهو ان لا يلحق اذى بزوجها ، فهي ما تزال واقعة تحت تأثير مشاعر حبها له ، خاصة مع ثقافتها البسيطة ، فهي تتصرف كزوجة تحب زوجها رغم الانقلاب في حياتها ووضعها الجديد. ورغم تناقض مشاعرها الا انها تحسم امرها بالتعاون مع (مصطفى) وتستطيع ان تعطيه البطاقة الخاصة بفتح مكتب زوجها في مبنى الموساد ، الذي يدخله بتسهيل من متعاونين داخل الموساد نفسه ، ويفتح الخزنة الخاصة بالمعلومات ، ويقوم بارسالها مباشرة الى قيادته في القاهرة ، ويعطيهم كافة الاسماء المرشحة للاغتيال من قبل الموساد بمن فيهم اسمه نفسه.
فجأة يظهر (دانيال) الذي كان على علم بما يقوم به (مصطفى) حيث وضع له الفخ ، ويلقي القبض عليه ، ليقوم بتعذيبه بالكهرباء ، بعد حوار فيما بينهما ، كل واحد منهما يحاول اظهار قدرة الجهاز الذي ينتمي اليه ، وعندما يصل الى حالة الاغماء يتم نقله بسيارة اسعاف مع حراسة مشددة ، لتظهر مجموعة من المخابرات المصرية ، تعترض سيارة الاسعاف ، وتطلق نيران الرشاشات والصواريخ الحارقة ، في معركة وسط "تل ابيب" ، ويعود (مصطفى) لانقاذ (سلوى) واطفالها المحتجزين لدى (راشيل) التي تبين انها تعمل مع الموساد.
يعود (دانيال) للبيت ، ويجد ان زوجته واطفاله قد هربوا بعد اصابة (ساره) وزوجها ، فيلاحق (مصطفى) وتنشب بينهما معركة بالاسلحة والفنون الحركية القتالية ، ويستطيع (مصطفى) ان يقتل خصمه ، حيث تكون هناك سيارات جاهزة للانطلاق بهم جميعا في طريق العودة الى مصر.
في ميزان النقد
طرح الفيلم شكلا شديد التعقيد للعلاقة بين زوجين مختلفين تماما ، وكانت بدايته موفقة وذكية ، وحوارات الزوجين فيها الكثير من القوة ، بما تحمله من تقارب بسبب علاقة الزواج ، ومن تباعد وتناقض ، لأن كل واحد يقف على الطرف الآخر لصراع ما زال دائرا ، لكن ذلك لم يستمر لأن السيناريو بدأ بدخول منطقة المبالغة التي اضعفت من قوة تأثيره واقناعه. ونسجل له تصوير الاسرائيليين كبشر لهم سلوكهم الانساني ، وان كانوا في غالبيتهم ينتمون للعقيدة الصهيونية العنصرية ، فكل هؤلاء المحيطين بـ (سلوى) كانوا يريدون القبول بالامر الواقع ، ويظهرون قبولهم لها في مجتمعهم ، لكنهم جميعا يعملون لمصلحة الكيان الذي ينتمون له ، ويظهر لهم وجه آخر عندما تتعرض مصالح هذا الكيان للخطر ، فبالرغم من حب (عزت دانيال) لزوجته ، الا انه كان يسعى لغسيل دماغها ، الى الدرجة التي يجعلها تظهر في وسائل الاعلام ، لتعلن انها ـ المرأة المسلمة والمصريةـ قد رضيت واقتنعت بوجودها وتعايشها مع المجتمع الاسرائيلي ، وذلك املا من زوجها في تحقيق مكسب اعلامي لدولته ، واضعاف همة المواطن العربي.
المبالغة كانت هي علة الفيلم ، واظهار الضابط المصري كرجل "سوبرمان" ، يتحرك بسهولة ويصل إلى اهدافه ، وينزل على شقة (دانيال) بالحبال ، ويتسلل الى مبنى الموساد الذي صوره الفيلم كمبنى عادي ، رغم انه قلعة ليس من السهل اختراقها. ثم تلك المعارك والمطاردات وسط تل ابيب ، واطلاق الصواريخ واستخدام مختلف انواع الاسلحة ، في مشاهد اقرب ما تكون الى مشاهد الحركة (الاكشن) في الافلام الامريكية ، وليس في قلب مدينة عنوانها الرئيس هو الخوف والامن.
ولكن يسجل للمخرج ، اتقانه لمشاهد الصراع ، سواء تلك المشحونة او الصامتة بين الزوجين ، او تنفيذ مشاهد الحركة والمطاردات ، اضافة لعنايته بالديكورات ، وبشكل خاص تفاصيل شقة الزوجين في "بورسعيد" ، حيث يظهر الديكور انفصال (عزت) عن المكان ، وغربة المكان عنه ، فيما شقته في "تل ابيب" تخصه تماما وتشبهه كظابط مخابرات ، حيث الترتيب ، والدقة التي تشبه عقليته ونفسيته.
وفي الداء ، فان "منى عبدالغني" تؤدي دورها بفهم عميق لشخصية مركبة بسيطة ، وغير مؤهلة ثقافيا. شخصية متناقضة وموضوعة على محك الاختيار الصعب ، ما بين حبها لزوجها ، وصدمتها الكبيرة به ، وانتمائها العفوي وتوظيفها الفطري لذكائها المصري.
اما "شريف منير" بدور ضابط "الموساد" الذي في احد جوانبه يجد نفسه مشدودا الى زوجة احبها ، لكن انتماءه لمهنته يجعله يدوس على مشاعره ، وان لم يساعده السيناريو على الاستمرار بقوة الاداء ، الذي كان مبالغا فيه ، لشخصية مطلوب منها ما هو فوق طاقة البشر. وقد افتقد القدرة على الاقناع بمجرد تكليفه بالمهمة ، بعد ان كان مذيعا للاخبار بالعبرية ، لانه ببساطة من غير المنطقي ان يتم تكليف شخص معروف ، ومؤكد انه تحت انظار وسمع الموساد كمذيع. وزاد على ذلك ان السيناريو جعل حركته سهله ومكشوفة ، حيث يدخل في جدل سياسي في تل ابيب ، رغم ان مهمته الخاصة تتطلب منه ان ينأى بنفسه عن كل هذه الاجواء.
كما يسجل للفيلم ، الموسيقى التصويرية للفنان عمر خيرت التي جاءت مرافقة ، ومفسرة ، ومهيئة للاحداث ، لتشكل واحدة من عناصر الفيلم المؤثرة.
فيلم "ولاد العم" ، رغم هفواته ، الا انه يبقى احد الافلام المعقولة وسط تراجع مستوى ما تقدمه السينما المصرية.
"ولاد العم" من تأليف عمرو سليمان عاطف واخراج شريف عرفة وبطولة: شريف منير وكريم عبدالعزيز ومنى عبدالغني وانتصار وسليم كلاس وصبري عبدالمنعم وايمان.فيلم درامي يعتمد على الإثارة والتشويق وهو من بطولة مجموعة من الفنانين منهم: كريم عبد العزيز ، منى زكي ، شريف منير ، نادية لطفى (ضيف شرف) ، إنتصار ، كندا علوش ، حسناء سيف الدين ، سليم كلاس وإيمان. والتأليف لعمرو سمير عاطف وإخراج شريف عرفة
تدور قصة الفيلم حول ضابط بالموساد مسؤول عن تكوين شبكة جاسوسية لتنفيذ اغتيالات فى مصر ، يرتبط بفتاة مصرية دون علمها بحقيقته ، ثم يهرب بها رغما عنها الى اسرائيل ، ضاغطا عليها بحرمانها من اولادها ، فترسل المخابرات المصرية ضابطا لكشف نوعية المعلومات التى حصل عليها واعادة الفتاة.http://www.addustour.com/NewsImages/2010/01/833_206197.jpg